د. لؤي إبراهيم بواعنة د. محمد محمود العناقرة كلية اآلداب - جامعة مؤته الكرك - األردن

Transcription

1 دور األمراء األيوبيين في الحكم واإلدارة في العهد الصالحي ) 570 ه ه/ م( د. لؤي إبراهيم بواعنة د. محمد محمود العناقرة كلية اآلداب - جامعة مؤته الكرك - األردن تاريخ االستالم تاريخ القبول ملخص تهدف هذه الدراسة إلى البحث في دور فئة األمراء في المسائل السياسية الهامة التي يتحقق معها استقرار الدولة من عدمه والكشف عن الدور الهام المناط بهم إلدارة تلك البقاع الشاسعة التي ضمها السلطان صالح الدين لدولته. تعالج هذه الدراسة األزمة السياسية الخطيرة التي كادت أن تهدد دولة السلطان صالح الدين المتمثلة بأزمة الحكم الوراثة داخل البيت األيوبي وكان لهذه الفئة مساهماتها الواضحة فيها من خالل التنبيه إليها والدعوة لمعالجتها وما تبعها من تقاليد لنقل السلطة بحيث تجلى دورهم الفاعل والرئيس فيها لحساسية موقفهم وأهميته بمصير البالد بعد وفاة السلطان الفتقاد الدولة لنظام أو دستور واضحين بل اعتمادهم على تقاليد موروثة. وركزت الدراسة على مشاركتهم في حل المعضالت السياسية التي واجهت السلطان فكانوا مؤازرين ومؤثرين في اتخاذ قراراته ومصلحين ودبلوماسيين ومفاوضين ومستشارين له في أدق التفاصيل ومعارضين لسياسته في أحيان أ خر. وأظهرت الدراسة أهميتهم في إدارة اإلقطاعات الممنوحة لهم من السلطان وما تعداها كالناحية العمرانية وغيرها ونقبت أيضا عن عيوبهم وتجاوزاتهم اإلدارية وعدم كفاءة بعضهم فيها. وتأتي أهمية هذه الدراسة بكشفها عن الدور الذي لعبه األمراء في مسألة الحكم بل وخطورته وما كانوا عليه من الحضور الممي ز في كافة نشاطات السلطان ودولته بمعنى شراكتهم في الحكم معه. ذو القعدة 1433 ه أكتوبر 2012 م مجلة جامعة الشارقة للعلوم اإلنسانية واالجتماعية المجلد 9 عدد 45 3

2 دور األمراء األيوبيين في الحكم واإلدارة في العهد الصالحي ) 570 ه ه/ م( )91-45( تمهيد شهدت الدولة اإلسالمية بعد وفاة الرسول )ص( ما ع رف بمؤسسة الخالفة التي بدأت فيه بداية قوية وكانت تتمتع بسلطتها وهيبتها وكان الخليفة يختار أمراءه بنفسه وفق معايير الكفاءة واألخالق والمعرفة بأحكام الدين وحسن القيادة وغيرها وهو الذي يقوم بتقليدهم األقاليم والبلدان وكانت هذه اإلمارة على ضربين عامة وخاصة )1( ومع مرور الوقت ضعفت هيبة الخالفة وتراجعت وفقد الخليفة كثير ا من سلطاته )2( كما أصبحت مقاليد األمور بيد غيره خاصة بعد أن ظهر نوع جديد من اإلمارة سماه الماوردي بإمارة االستيالء التي تعقد عند االضطرار )3( فبعد أن يتمكن أي أمير من األمراء من االستيالء بالقوة على بالد يباشر حكمه ويبسط سلطانه عليها يرسل للخليفة كتاب ا طالب ا منه تقليد ا بهذه اإلمارة وهذا النوع من اإلمارة ال يكون فيه للخليفة أي سلطان ولكنه ضروري في رأي الماوردي لحفظ القوانين وتنفيذ أحكام الشريعة اإلسالمية بحيث يصبح فيها األمير بموجبها ملتزم ا بأشياء منها: حفظ منصب الخليفة وتدبير أموره وقد كانت إمارة صالح الدين األيوبي تندرج تحت هذا الصنف من أنواع اإلمارة )4(. أثبتت األحداث التاريخية مع بدء الغزو الفرنجي الصليبي للمشرق اإلسالمي أن مؤسسة الخالفة )الخالفة العباسية( - وهي رأس نظام الحكم في تلك الفترة - كانت عاجزة عن القيام بمهامها تجاه هذا العدوان )5( وكذلك الحال بالنسبة للخالفة الفاطمية وبعض الكيانات السياسية الهزيلة المبعثرة مما أدى إلى إفراز صيغة جديدة للسلطة السياسية وأنظمة الحكم في تلك الفترة تمثلت بحلول كيانات سياسية عسكرية جديدة تقوم على أسس عسكرية تضع كل مواردها لخدمة المجهود الحربي ويقودها ملك محارب يقود الجيش بنفسه فكانت دولة عماد الدين زنكي هي التجربة األولى في صياغة هذه الدولة العسكرية ثم كرسها الملك نور الدين محمود وباتت حقيقة تاريخية في ظل قيادة صالح الدين األيوبي )6(. لقد حلت الدولة األيوبية بقيادة السلطان صالح الدين األيوبي عام 569 ه/ 1173 م مكان الدولة الزنكية ونجحت في توحيد المسلمين لمواجهة الغزو الفرنجي الصليبي بعد فشل خلفاء الملك نور الدين محمود في تحمل مسؤولياتهم ودورهم التاريخي الذي بدأه مؤسسو دولتهم وقد سعى صالح الدين منذ توليه الحكم إلى توحيد الجبهة اإلسالمية وتوطيد عالقته بالخالفة العباسية إلعطاء شرعية لدولته ولالعتراف بالبالد التي يضمها لسلطانه )7(. ويرى البعض أن األنظمة األيوبية كانت مزيج ا موفقا من كلتا الحضارتين الفاطمية والعباسية كونتها الظروف المختلفة التي نشأت فيها السيادة األيوبية على أنقاض الدولة الفاطمية بمصر وفي جزء كبير من أقاليم الخالفة العباسية في القرن السادس الهجري/ الثاني عشر الميالدي كما كان لنشأته وظروف أسرة صالح الدين أكبر األثر في تشكيل نظم اإلدارة بما في ذلك تقاليد األلقاب كما كانت األسرة األيوبية في كثير من أنظمتها وأعمالها وطرق حكمها وتوزيع الواليات بين أفرادها تسير على منهاج األسرة السلجوقية نفسها وكان نور الدين زنكي قدوة لصالح الدين نفسه في إصالحاته اإلدارية وغيره )8(. وكثير ا ما ظهر في هذه الفترة التاريخية ألقاب متعددة للحكام والقائمين على إدارة بلدان هذه المنطقة فظهر لقب السلطان )9( والملك )10( وقد أوضح القلقشندي الفرق بين الس لطان والم ل ك فبين أن الم ل ك أخص من الس ل طنة ألن الم ل ك ال ي طلق إال على الوالية العامة والس لطنة تطلق على أنواع الواليات 46 ذو القعدة 1433 ه أكتوبر 2012 م مجلة جامعة الشارقة للعلوم اإلنسانية واالجتماعية المجلد 9 عدد 3

3 د. لؤي إبراهيم بواعنة / د. محمد محمود العناقرة )91-45( حتى إن الفقهاء يعبرون عن القاضي ووالي البلد في أبواب الفقه بالس لطان )11(. بمعنى أن السلطان قد يكون تابع ا له أكثر من ملك وبمعنى آخر إن السلطان يعني ملك الملوك وهو اللقب الذي لقب به الخليفة العباسي الملك العادل سنة 604 ه/ 1207 م فخاطبه ب شاهنشاه ملك الملوك )12(. والثابت تاريخي ا أن صالح الدين اتخذ أو حمل لقب سلطان رسمي ا وبرر ذلك واضح ا بمراسالته مع الخليفة العباسي أو من خالل مصادر ذلك العصر وخاصة مستشاره ابن شداد. وإن خلفاءه قد تمسكوا به حتى نهاية العصر األيوبي. لقد كان صالح الدين على رأس الجهاز اإلداري للبالد ونظر ا لكثرة غيابه عن مصر بسبب حروبه وجهاده فقد استحدث صالح الدين وظيفة نائب السلطنة وهو الشخص الذي ينوب عن السلطان أثناء غيابه واستمرت هذه الوظيفة قائمة في عصر األيوبيين والمماليك )13(. وترجع ألقاب ملوك األيوبيين في تقاليدها إلى الخالفة العباسية وبخاصة الدولة النورية من جهة وإلى العادات المصرية في أواخر الدولة الفاطمية من جهة أخرى وفي كلتا الدولتين عرف لقب الملك فضال عن النعت الخاص فكان نور الدين يلقب بالملك العادل في الدولة النورية وكان شيركوه يلقب بالملك المنصور في الدولة الفاطمية وكذلك صالح الدين بالملك الناصر ومن ثم استعمل لقب الملك وكذلك النعت الخاص لرؤساء الدولة األيوبية )14(. وقد شاع لقب ملك في عصر بني أيوب واعتبر هؤالء الملوك والة إقطاعيين أكثر منهم نواب سلطنة وتبين من خالل التواقيع اإلقطاعية أن ما في المراكز إدارة سلطانية وفي باقي المناطق التابعة لها واليات إقطاعية ملوك حتى وإن كان هذا الوالي من أبناء األسرة الحاكمة )15(. وقد حظي األمراء )16( خالل عصر السلطان صالح الدين األيوبي بأهمية بالغة تمثلت باعتماده عليهم واستشارتهم والرجوع إليهم لحسم كثير من القضايا المصيرية التي تعترض الدولة وخاصة أثناء الصراع مع الفرنج الصليبيين ولهذا فقد أسندت لهم مهام متعددة منها السياسية )17( والعسكرية )18( والظاهر أن أمراء تلك الفترة كانوا على أصناف ومراتب ودرجات ولهم وظائف مختلفة أوردها مفصال القلقشندي في كتابه صبح األعشى في صناعة اإلنشا )19(. وتمثل وصية السلطان صالح الدين البنه الملك الظاهر غازي عند وداعه له في القدس قافال لحلب عام 588 ه/ 1192 م دليال واضح ا على أهمية األمراء ومكانتهم في الدولة لقوله: وأوصيك بحفظ قلوب الرعية والنظر في أحوالهم فأنت أميني وأمين هللا عليهم وأوصيك بحفظ قلوب األمراء وأرباب الدولة واألكابر فما بلغت إال بمداراة الناس )20(. أزمة الوراثة ودور األمراء فيها توضح الروايات التاريخية الدور البارز لألمراء في مسألة الحكم األيوبي زمن السلطان صالح الدين األيوبي وتحديد ا بعد عام 582 ه/ 1186 م وكان األمير سليمان بن جندر )21( أبرز أولئك األمراء حيث استغل مرض السلطان صالح الدين عام 582 ه/ 1186 م واقترح عليه فكرة حصر الحكم الوراثة في أبنائه وتقريبهم منه وإجراء بعض التغييرات في إدارة بلدان مصر والشام والجزيرة الفراتية فحدثه في تقريب أوالده في الحكم وإدارة المدن الرئيسة في مصر والشام واستبعاد إخوته عنها معتمد ا في فكرته وصراحته هذه على عالقة الود واالحترام والتقدير القديمة التي يكنها له السلطان صالح الدين وما اعتاد عليه من النصح والمشورة )22(. ذو القعدة 1433 ه أكتوبر 2012 م مجلة جامعة الشارقة للعلوم اإلنسانية واالجتماعية المجلد 9 عدد 47 3

4 دور األمراء األيوبيين في الحكم واإلدارة في العهد الصالحي ) 570 ه ه/ م( )91-45( أما عن بداية التفكير جدي ا بمسألة التغيير والتبديل في إدارة البالد هذه فقد كانت بعد تعافي السلطان صالح الدين من مرضه إذ قام بزيارة الشام وساير األمير سليمان بن جندر على رأيه فقال له األمير سليمان: بأي رأي ك نت تظن أن وصيتك تمضي كأنك كنت خارج ا إلى الصيد فتعود فال يخالفونك باهلل ما تستحي أن يكون الطائر أهدى منك إلى المصلحة قال: وكيف ذلك قال: إذا أراد الطائر أن يعمل ع ش ا لفراخه قصد أعالي الشجر ليحمي فراخه وأنت سلمت الحصون إلى أهلك وجعلت أوالدك على األرض هذه حلب وهي أم البالد بيد أخيك )23( وحماة بيد تقي الدين )24( وحمص بيد شيركوه )25( وابنك العزيز )26( مع تقي الدين )27( بمصر ي خرجه أي وقت أراد وهذا ابنك اآلخر مع أخيك في خيمة يفعل به ما أراد )28(. فقال له: صدقت واكتم هذا األمر )29(. يفهم من ثنايا الحوار الحاصل بين السلطان صالح الدين واألمير سليمان بن جندر قيام السلطان باتخاذ بعض اإلجراءات اإلدارية والسياسية المتعلقة بمسألة الحكم وتقسيم البالد بين أبنائه بحضور ولده العزيز وأخيه العادل وذلك أثناء مرضه بحران )30( عام 581 ه/ 1185 م. وقد أوردت الروايات فعال أن السلطان جمع الناس بحضور أخيه العادل وولده العزيز تمثل ذلك بحلفان الناس ألوالده وتقسيم البالد بينهم وجعل أخاه العادل وصي ا على ذلك )31( إال أن إجراءاته برأي األمير سليمان بن جندر كانت غير كافية بل وغير مضمونة التطبيق بدليل قوله للسلطان: بأي رأي ك نت تظن أن وصيتك تمضي كأنك ك نت خارج ا إلى صيد وتعود فال يخالفونك )32(. وهذا يعني بشكل واضح ال يقبل الشك أنه كان هناك وصية لتقسيم البالد وأوكلت للعادل وأن األمير سليمان شكك في تنفيذ الملك العادل لهذه الوصية. أما األمر اآلخر الذي نبه األمير سليمان السلطان إليه وهو أن أمر التغيير ليس باألمر السهل. والسؤال الملح يتمثل في المبررات التي استوجبت مثل هذا األمر والدواعي والدوافع الحقيقية المحركة له عام 582 ه/ 1186 م والمتمثلة بإخراج السلطان صالح الدين ألخيه الملك العادل من حلب وجعله أتابك ا البنه العزيز في مصر. يعود الدافع أو المحرك الرئيس وراء هذا العمل إلى أمرين: أولهما دوافع شخصية من قبل أحد األمراء المقربين من السلطان الحريصين على البيت األيوبي وهو األمير سليمان بن جندر فقد طرح الفكرة على السلطان صالح الدين وإقناعه بفكرته حيث كان من أمراء حلب وعارف ا بأحوالها ولكنه كان على خالف وعداوة مع الملك العادل صاحب حلب إذ لم يكن يوفيه ما يجب وال ينصفه ويقدم عليه غيره )33( وهذا يعني أن األمير سليمان ربما كان حامال عليه مما كان سبب ا في إثارة السلطان ضده وتأليبه عليه ودعوته الستبعاده عن حلب وعن الشام كاملة وهذه الرواية تؤيد الفكرة التي تقول إن األمير سليمان هو الذي كان يقف بقوة وراء مسألة التغيير. أما الدافع الثاني فهو سياسي سببه رغبة السلطان بحصر الحكم بين أبنائه وقد ساهمت ظروف وأحداث في تهيئة األجواء لذلك التغيير ومنها حادثة مرض السلطان وما تبعها من أحداث وتحركات أثارت ريبة السلطان وشكوكه بطمع أهله بملكه. ويؤيد ذلك رواية ابن العديم وإفراده باب ا باسم الشفاء وإعادة التوزيع إذ حصلت أثناء مرضه تحركات من عدد من أبناء البيت األيوبي للتفكير في االستحواذ على الحكم فقد وصل الملك العادل حلب واستدعى المقدمين من األمراء من البالد فوصلوا إليه وعزم على استحالف الناس على نفسه )34(. في حين كان ابن عمه الملك القاهر ناصر الدين محمد بن شيركوه في صحبته أثناء مرضه بحران وعندما اشتد مرضه توجه إلى 48 ذو القعدة 1433 ه أكتوبر 2012 م مجلة جامعة الشارقة للعلوم اإلنسانية واالجتماعية المجلد 9 عدد 3

5 د. لؤي إبراهيم بواعنة / د. محمد محمود العناقرة )91-45( إقطاعه على الفور حيث سار إلى حمص طمع ا في م لك الشام وقيل إنه اجتاز بحلب وفرق أمواال على األحداث وسار لحمص )35(. أما الملك المظفر تقي الدين عمر صاحب حماة ابن أخي السلطان بمصر )36( فقد جرت منه حركات فيها إظهار االستبداد بالملك وعندما تماثل السلطان للشفاء بلغه ذلك ك له )37(. وهناك روايات أخرى تؤكد وجود بعض المطامع عند الملك المظفر تقي الدين عمر لتثبيت نفسه في مصر واستبعاد أبناء السلطان عنها ومنها ما كان بعد مسير السلطان لدمشق عام 582 ه/ 1186 م بعد شفائه واستدعائه من مصر عندما كان نائب ا بها ومعه األفضل ولد السلطان فأرسل الملك المظفر تقي الدين عمر رسالة يشتكي فيها من األفضل بتعطيله بعض النواحي اإلدارية وتدخله في بعض اإلجراءات التي يتخذها تقي الدين عمر )38( فما كان من السلطان إال أن أخرج ولده الملك األفضل من مصر وأقطعه دمشق. ولكن السلطان تغير في الباطن على الملك المظفر تقي الدين لظنه أنه أخرج ولده ليستولي على مصر بعد موته. وعندما أشار عليه بعض األمراء بإخراجه من مصر القى هذا األمر استحسان ا منه )39(. وهذا إثبات آخر على دور األمراء في تقديم النصح والمشورة للسلطان لتغيير أوضاع البالد اإلدارية مما يعني بشكل آخر تدخلهم في مسألة توريث الحكم. وقد برز موقف الملك المظفر تقي الدين عمر واضح ا من مسألة الوراثة والحكم عقب شفاء السلطان صالح الدين من مرضه عام 582 ه/ 1186 م عندما استدعى السلطان صالح الدين أخاه الملك العادل فأخذ منه حلب واستدعى كذلك المظفر تقي الدين عمر من مصر إلخراجه منها لكنه امتنع عن الحضور )40( وأراد أن يلحق مملوكه قراقوش )41( المستولي على برقة فبلغ السلطان ذلك فأرسل يستعطفه وزاده على حماة ومنبج )42( وميافارقين )43( وجبل صور وقلد ولده الملك العزيز مصر وجعل أتابكه العادل الذي عوضه عن حلب بحران والرها )44(. وهذا يعني بشكل واضح أن ما قام به السلطان صالح الدين بحق الملك المظفر شكل صدمة له مما دعاه لترك العمل تحت لواء السلطان مما يدلل على رغباته وطموحاته بأن يكون له حضور ممي ز في إدارة الدولة وليس كأي أمير آخر. ويرى مصطفى الحياري أن السلطان صالح الدين بهذا اإلجراء اإلداري أثار الملك تقي الدين عمر ابن أخيه الذي قرر التوجه للمغرب والسيطرة عليه وإقامة م لك فيه لكن ذلك سيؤثر حتم ا على مخططات صالح الدين العسكرية إذ كان تقي الدين من أبرز رجال دولته وقادة عسكرييه مما اضطره إلرسال رسالة له يسترضيه فيها )45( فجاءه على لسان السلطان: لعمري إن فتح المغرب م هم لكن فتح البيت المقدس أهم والفائدة به أتم وإذا توج ه تقي الدين واستصحب معه رجالنا المعروفة ذهب العمر في اقتناء الرجال )46(. فكتب السلطان إليه يأمره بالقدوم عليه فقدم في أواخر شعبان من عام 582 ه/ 1186 م ودخل دمشق فأعاد السلطان ما كان له من البالد ومنبج والمعر ة )47( وسائر أعمالها ثم أضاف إليه مي افارقين وجميع ما في اإلقليم من المعاقل وكتب الملك المظفر لرجاله بمصر يستدعيهم للقدوم للشام وتأخير الذهاب للمغرب )48(. هذا وقد تباينت الروايات حول موقف بعض أبناء البيت األيوبي من عملية تبادل الواليات والمدن اإلسالمية في مصر والشام بين الرضى بذلك ومعارضته عشية قدوم السلطان صالح الدين لدمشق فقد أشار العماد األصفهاني إلى تنازل الملك العادل للملك الظاهر ابن السلطان عن حلب تحقيق ا لرغبة السلطان صالح الدين بذلك مع رغبة حقيقية باالحتفاظ بها لقوله ألخيه السلطان صالح الدين: ذو القعدة 1433 ه أكتوبر 2012 م مجلة جامعة الشارقة للعلوم اإلنسانية واالجتماعية المجلد 9 عدد 49 3

6 دور األمراء األيوبيين في الحكم واإلدارة في العهد الصالحي ) 570 ه ه/ م( )91-45( هذه حلب مع رغبتي فيها أرى أن أحد أوالدك بها أحق وهذا ولدنا الظاهر أحب أنني أوثره بها فقال السلطان: المهم اآلن تدبير ولدي الملك العزيز فإن مصر ال بد أن يكون لي بها ولد أعتمد عليه وأ سند ملكها إليه )49(. في حين أشار ابن العديم أن لقاء السلطان بأخيه العادل بدمشق بعد أن استدعاه تضمن مراجعات وأحاديث بينهما استقرت على أن يسير الملك العادل لمصر نائب ا عن السلطان ويكون الملك العزيز عماد الدين عثمان السلطان بها ويكون العادل أتابكه ومربيه والكافل له والقائم على تدبير أموره كلها وتسليم حلب للملك الظاهر غازي وينتقل الملك األفضل من مصر لدمشق ويخرج منها الملك المظفر عمر )50(. وقد تحمل هذه الرواية في طياتها أن جداال وأخذ ا ورد ا حصل بين السلطان وأخيه العادل إال أن األمر أفضى التفاق ومر بسالم. كما ساهمت رسائل القاضي الفاضل للسلطان صالح الدين بدور كبير في حثه على إدراك أهمية العادل والمظفر وتمي زهما في القسمة والحصة لقوله: الملك العادل والملك المظفر المذكوران ما هما أخ وابن أخ بل هما ولدان ال يعرفان إال المولى والدا ومنعم ا وكل واحد منهما له ع ش كثير الفراخ وبيت كرقعة الشطرنج فيه صغار وكبار فال يقنع كل واحد منهما إال طرف يملكه وإقليم ينفرد به فيدبر موالنا في ذلك بما يقتضيه صدره الواسع وجوده الذي ما نظر مثله الناظر وال سمع السامع وما على موالنا عجلة في تدبير يدبره وال في أمر يبته وقد رزق هللا موالنا ذرية تود لو قدمت أنفسها بين يديه ولو اكتحلت أجفانها بغبار قدميه وما منها من يشتكي منه إال التزيد في الطلب )51(. وقد أوضح ابن شداد وهو مستشار السلطان والعارف بأسراره أهمية حلب السياسية والعسكرية والسبب الذي جعل السلطان يتمسك بها ألحد أبنائه لقول الملك العادل: إن السلطان سير ولده الظاهر إلى حلب وأعادها إليه وكان - رحمه هللا - يعلم أن حلب هي أصل الملك وج رث ومته وقاعدته ولهذا دأب في طلبها ذلك الدأب ولما حصلت أعرض عما عداها من بالد الشرق )52( وهذا يثبت رغبة السلطان الحقيقية بالتغيير بعد أن سمع هذا وهذا ورأى أمور ا أزعجته. وبغض النظر عن موقف الملك العادل من التنازل عن حلب ورغبته في االستحواذ على الحكم بعد وفاة أخيه السلطان وتنفيذ وصيته من عدمها التي أوصاه بها إثر مرضه والتي تتضمن تقسيم البالد فإن الملك العادل قد خرج من حلب بعد وشاية وتحريض ا ضده من قبل أحد المقربين من السلطان بدليل اعتراف الملك العادل أمام أبناء أخيه الملك الظاهر والعزيز إثر اجتماعه بهما ألمح فيها بأن وشاية وتحريض من أناس أسماهم المفسدين كانت سببا في تركه حلب لقوله للملك العزيز: اعلم أن السلطان قد أمرني أن أسير في خدمتك إلى مصر وأنا أعلم أن المفسدين كثير وغدا فما يخلو ممن يقول عني ما ال يجوز ويخو فك مني فإن كان لك عزم تسمع فقل لي حتى ال أجيء. فقال: ال أسمع وكيف يكون ذلك ثم التفت وقلت للملك الظاهر: أنا أعرف أن أخاك ربما سمع في أقوال المفسدين وأنا فما لي إال أنت فقد قنعت منك بمنبج متى ضاق صدري من جانبه. فقال: مبارك )53(. وهذا يؤكد أن هناك من دس عليه وعلى األغلب أنه األمير سليمان بن جندر وكأنه يحذره من دسائس األمراء ومحاولته الفتنة بينهما والسماع لهم وتحمل الرواية في طياتها خوفه من نزعه من منصبه أيض ا وإن حدث ذلك فسيكتفي بأقل القليل من البالد. نخلص في النهاية للقول إنه كان للحوار بين السلطان واألمير سليمان بن جندر وقع في نفسه فأدرك أنه صدقه القول ونبهه لمسألة حكم أبنائه للبالد فكتم األمر بينهما وأخذ السلطان يتدارس األوضاع 50 ذو القعدة 1433 ه أكتوبر 2012 م مجلة جامعة الشارقة للعلوم اإلنسانية واالجتماعية المجلد 9 عدد 3

7 د. لؤي إبراهيم بواعنة / د. محمد محمود العناقرة )91-45( في البالد ونفوذ أقاربه فيها وأخذ يعيد النظر في إدارتها من جديد ليضمن مسألة حكمها من قبل أبنائه وكان ال بد له من مراعاة وضع أخيه الملك العادل الذي وقف إلى جواره طوال فترة تأسيس سلطانه مشاركته بالحكم لضمان والئه وعدم الخروج عليه إذا ما جرده من إدارة البالد وليضمن إبعاده عن إدارة بالد الشام أخذ منه حلب وأعطاها لولده الملك الظاهر وكذلك أخرج الملك المظفر من مصر وأسندها لولده الملك العزيز. وكان الملك القاهر ناصر الدين محمد بن أسد الدين شيركوه صاحب حمص ابن عم السلطان صالح الدين الذي توفي عام 581 ه/ 1185 م )54( أحد األطراف الداخلة في الصراع حول الحكم مع السلطان وإن لم تظهر معالمها واضحة فقد ذكر سبط ابن الجوزي أن السلطان كان يخافه في حياته ألنه كان يدعي أنه أحق بالملك منه وكان السلطان على علم بكل تحركاته وناصر الدين محمد هذا هو ابن الوزير الفاطمي في مصر أسد الدين شيركوه عم السلطان صالح الدين وبعد وفاته حل محله ابن أخيه السلطان صالح الدين يوسف. ولهذا فما أن بلغ السلطان وفاة ابن عمه حتى أبقى ولده أسد الدين شيركوه الذي عرف بالملك المجاهد على إقطاع أبيه الذي يشمل حمص والرحبة وتدمر وسلمية وكتب له منشور ا بذلك )55( ومن المرجح أن السبب الذي دعا السلطان صالح الدين لهذا )56( االعتراف السريع بأمالك ابن عمه البنه أنه لم ي رد الدخول معه في منافسة وصراع حول الحكم نظر ا للخلفية التاريخية لهذه المسألة التي أشرنا إليها سابق ا ونظر ا لوجود بعض المطامح والمطامع ألسد الدين شيركوه نفسه التي سبقت اإلشارة إليها )57(. أما الطرف الثالث الداخل في الصراع حول مسألة الحكم واقتسام البالد بين أفراد البيت األيوبي فهو ابن الملك المظفر تقي الدين عمر وقد برزت مشكلة وراثة البالد عقب وفاة والده مباشرة في رمضان عام 587 ه/ 1191 م على طريق خالط )58( أثناء عودته لمي افارقين )59( فقد طلب ولده الملك المنصور ناصر الدين محمد من السلطان إبقاء بالد أبيه بيده وطلب منه الميثاق له بأغلظ األيمان ولكن السلطان رفض تلك الشروط وغضب من طلبه وطريقته لقول العماد األصفهاني في ذلك: واشتط فشط وجلب له الشطط السخط )60( وأشار الحنبلي أن السلطان صالح الدين شعر من تلك الشروط بأنها تمثل حالة من العصيان )61( إال أنه تم تجاوز هذه المشكلة لتدخل الملك العادل وأمرائه ومع ذلك فقد أقلقت السلطان وتطلبت منه القوة حين ا والسياسة حين ا آخر ومما يدل على أنها أربكت السلطان قول ابن كثير عند إقامة الملك المنصور ناصر الدين محمد موضع أبيه فيه: فأقره صالح الدين على ذلك بعد جهد جهيد ووعد وعيد ولوال السلطان العادل أخو صالح الدين تشفع فيه لما أقره في مكان أبيه )62(. وعندما علم الملك األفضل ابن السلطان موقف الملك المنصور ناصر الدين من أمالك أبيه أرسل لوالده يطلب منه البالد التي طلبها الملك المنصور ناصر الدين مقابل نزوله عن جميع الواليات التي بيده وبدأ الملك األفضل بالتحرك نحو دمشق وحلب وعلى الفور أرسل الملك المنصور رسوال من عنده للملك العادل وهو بالقدس راجي ا تدخله وإبداء رأيه وتفويضه بالحل فخاطب الملك العادل أخاه السلطان بذلك واستعطفه وشفع في أمره عنده )63(. وبقي العادل يراجع السلطان حتى أقر للملك المنصور حماة وسلمية )64( والمعرة ومنبج ونجم وارتجع البالد الشرقية )65(. لم تقتصر المشكلة عند هذا الحد بل قام الملك العادل المعروف بدهائه السياسي وصبره بالطلب من السلطان أن يعطيه البالد التي سيتخلى عنها الملك المنصور ابن تقي الدين عمر ويتنازل عن ك ل ذو القعدة 1433 ه أكتوبر 2012 م مجلة جامعة الشارقة للعلوم اإلنسانية واالجتماعية المجلد 9 عدد 51 3

8 دور األمراء األيوبيين في الحكم واإلدارة في العهد الصالحي ) 570 ه ه/ م( )91-45( ما هو شامي الفرات وما قطعها أي كل المناطق التي لها حدود مع بقايا الفرنج الصليبيين ما عدا: الكرك والشوبك والصلت والبلقاء وخاص ة بمصر بعد النزول عن خبزه )إقطاعه( وعليه في كل سنة ستة آالف غرارة غلة تحمل إلى السلطان من السلط والبلقاء إلى القدس وتم االتفاق وأخذ الملك العادل خط السلطان في ذلك وكان القاضي ابن شداد الرسول بينهما )66(. وقد أبرز القاضي ابن شداد الدور الذي لعبه األمراء في عهد السلطان صالح الدين في حل األزمة بينه وبين ابن أخيه الملك المنصور عام 588 ه/ 1192 م فقد أرسل الملك المنصور ناصر الدين رسوال إلى عم ه العادل بالقدس راجي ا منه التوسط لدى السلطان مقترح ا أن يعطيه إما حر ان والر ها وسميساط )67( وإما حماة ومنبج وسلمية والمعرة مع كفالة إخوته وراجع الملك العادل السلطان م رار ا فلم يوافق حتى تدخل األمراء جميعهم وأخذوا يستعطفون السلطان على ابن أخيه حتى حلف له على حر ان والرها وسميساط بكفالة إخوته على أن يتخلى عن البالد التي بيده كما كفله الملك العادل أيض ا. ثم طلب منه الملك العادل أن يكتب له ذلك فرفض السلطان ذلك ولوحظ عليه الغضب من ذلك اإلجراء )68(. وكلف السلطان القاضي بهاء الدين بن شداد بمشاورة أمراء الملك العادل في هذا األمر فجمعهم وأعلمهم بمهمته التي أسندت له فانتدب األمراء بدورهم األمير حسام الدين أبا الهيجاء )69( للحديث باسمهم فقال: نحن عبيده ومماليكه وذلك صبي وربما حمله خوفه أن انضاف إلى جانب آخر ونحن فما نقدر على الجمع بين قتال المسلمين والكفار فإن أردنا نقاتل المسلمين صالح الكفار وسرنا إلى ذلك الجانب وقاتلناه بين يديه وإن أراد منا مالزمة الغزاة صالح المسلمين وسامحهم )70(. وهذا كان جواب الجميع ثم رق قلب السلطان وجدد نسخة اليمين للملك المنصور ابن تقي الدين وحلف له بها وأعطاه خطة بما استقر عن القاعدة )71(. وهذا يثبت دور األمراء وتأثيرهم ووقوفهم إلى جانبه إذا أراد مواجهة الملك المنصور لكنه كان يرى أن األسلم للسلطان قبول العرض للتفرغ لقتال الفرنج بحكم الظروف والتي قبلها السلطان. وهذا يعني أن السلطان صالح الدين قام بتقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة. ويرى أحد الباحثين أن قضية الوراثة المتجددة باستمرار في التراث التركي - الكردي في تلك الفترة كانت سبب ا في إضعاف قدرة القيادة على مواجهة التحديات في األوقات الحرجة ولعبت دور ا في تفكيك الوحدة التي حققها صالح الدين تدريجي ا إضافة لدور الطموح الشخصي لبعض أفراد األسرة األيوبية الذي كان له دوره في هذا التفكك مما ساهم في إصابة السلطان ببعض النكسات حتى استغل الملك ريتشارد )72( فترة االنشغال بهذه القضية الداخلية مما دعاه للقيام بهجوم على الد ار وم )73( آخر المعاقل التي سلمت من التخريب على الحدود بين فلسطين ومصر )74(. ومن التقاليد الهامة التي ميزت نظام الحكم في عهد السلطان صالح الدين أو الواليات السلطانية مسألة استحالف األمراء للموصى له من أبناء أو إخوان السلطان والذي عرف ب مجلس التحليف لوراثة السلطة )75( فكان لألمراء حضور هام في عملية نقل السلطة من خالل عملية اإلشراف على تولية أبناء البيت األيوبي بعض الواليات ففي شعبان من عام 580 ه/ 1184 م قرئت وصية من السلطان صالح الدين تتضمن والية ابنه الملك العزيز عثمان لمصر بكفالة ابن عمه الملك تقي الدين عمر ووالية الملك األفضل على الشام بكفالة عمه الملك العادل صاحب حلب وقد تم خاللها استحالف الحاضرين من األمراء وولي قراءة العهد بذلك القاضي المرتضى بن قريش وسومح 52 ذو القعدة 1433 ه أكتوبر 2012 م مجلة جامعة الشارقة للعلوم اإلنسانية واالجتماعية المجلد 9 عدد 3

9 د. لؤي إبراهيم بواعنة / د. محمد محمود العناقرة )91-45( بهاللي البهنسا )76(. وتكرر هذا التقليد السياسي في العهد األيوبي عندما اشتد المرض بالسلطان صالح الدين عام )77( 581 ه/ 1185 م بحر ان وخاف الموت فوصل الملك العادل إليه من حلب واستدعى المقد مين من األمراء من البالد فوصلوا إليه وعزم الملك العادل على استحالف الناس لنفسه )78( وهذا يعطي إشارة واضحة ألهمية حضور األمراء لمسألة التحليف. وفيما يتعلق بنص التحليف وش روط موافقة المحلفين من األمراء وغيرهم فقد عرض القاضي بهاء الدين بن شداد بشيء من التفصيل لنص يوضح ما حلف عليه أمراء السلطان صالح الدين من الوالء واإلخالص لولده الملك األفضل علي عندما جاءته المنية بدمشق عام 589 ه/ 1193 م وهذه نسخة اليمين المحلوف بها: إنني من وقتي هذا قد أصفيت نيتي وأخلصت طويتي للملك الناصر مدة حياته وإنني ال أزال باذال جهدي في الذب عن دولته بنفسي ومالي وسيفي ورجالي ممتثال ألمره واقف ا عند مراضيه ثم من بعده لولده الملك األفضل علي : ووهللا إنني في طاعته وأذب عن دولته وبالده بنفسي ومالي ورجالي وأمتثل أمره ونهيه وباطني وظاهري في ذلك سواء وهللا على ما أقول وكيل )79(. ويبدو واضح ا أن وثيقة االستحالف تتضمن ثوابت ومرتكزات متفق عليها بين الجميع ومن الخلق السياسي االلتزام بها والمحافظة عليها للسلطان أو لولي العهد من بعده كصفاء النية واإلخالص المطلق والطاعة وعدم الخروج عليه أو على ولي عهده كما يتضمن يمين الحلفان وجوب المحافظة على الدولة وبذل المال والنفس والرجال في سبيلها كما لفت اليمين لنقطة في غاية األهمية كان على األمراء االلتزام بها وهي االستقامة في السر والعلن والظاهر والباطن وعدم التلون وهذا يعني عدم االنخراط واالشتراك في ثورات أو حركات معارضة للسلطان أو ولي عهده ومن هنا كان االهتمام والتركيز على األمراء بأخذ أيمانهم وقسمهم بالمحافظة واإلخالص للسلطان ومن يخلفه ألنهم فئات هامة لهم دورهم في حفظ أمن الدولة واستقرارها من عدمها فبهم يأتمر الجند. وأورد القاضي ابن شداد في نص التحليف للسلطان صالح الدين وولده الملك األفضل علي أسماء ما يزيد عن أربعة عشر أمير ا في حين أشار لعدم حضور أحد من األمراء المصريين فبعد أن رأى الملك األفضل ما حل بوالده وأدرك أنه قد تحقق اليأس منه شرع في تحليف الناس وجلس في دار رضوان المعرفة بسكنه واستحضر القضاة وعمل نسخة يمين مختصرة م حصلة للمقاصد تتضمن الحلف للسلطان صالح الدين مدة حياته وله بعد وفاته واعتذر للناس أن المرض قد اشتد وما نعلم ما يكون وما نفعل وما هذا إال إجراء احتياطي على ما جرت عليه عادة الملوك فاستحضر األمير ناصر الدين )80( صاحب صهيون )81( فاستحلفه فحلف وحضر األمير سابق الدين )82( صاحب شيزر )83( فحلف ثم حضر خشترين الهكاري )84( وحلف وحضر نوشروان الزرزاري وحلف )85( وعل كان ومنكالن وحلفا ولما كان العصر أعيد مجلس التحليف وأحضر ميمون القصري وشمس الدين سنقر الكبير )86( وقاال: نحن نحلف بشرط أن ال نسل في وجه أحد من إخوتك سيف ا ولكن رأسي دون بالدك )87( ثم جاء أسامة )88( فحلف بعد أن رفض بداية وأحضر سنقر المشطوب فحلف وأليكي الفارسي كذلك فحلف وأحضر أيبك األفطس )89( فحلف وأحضر أخو سياروخ فحلف وحسام الدين بشارة )90( فحلف وكان مقدم ا على األمراء جميع ا )91(. وهكذا يظهر بشكل واضح أن عملية استحالف األمراء هذه كانت بحضور عدد من القضاة وفي هذا ذو القعدة 1433 ه أكتوبر 2012 م مجلة جامعة الشارقة للعلوم اإلنسانية واالجتماعية المجلد 9 عدد 53 3

10 دور األمراء األيوبيين في الحكم واإلدارة في العهد الصالحي ) 570 ه ه/ م( )91-45( إضفاء للصفة الشرعية أو الضمانات األخالقية لتلك العملية كما أن فيه تأكيد ا على التزام األمراء بالقسم الذي نطقوا به ومن جهة أخرى يمكن القول إن عملية االستحالف كانت على فترتين زمنيتين صباحية ومسائية وفق ما تقتضيه الحاجة مما يعني أهمية هذا الموضوع وجديته وربما أن حوار ا وجداال قد الزما عملية التحليف هذه. واألمر األكثر أهمية أن بعض األمراء اشترطوا شروط ا ألداء قسمهم هذا تمثل بعدم الدخول في نزاع مسلح ضد أبناء السلطان اآلخرين في حين أجمعوا على تقديم أرواحهم في سبيل البالد كما حدث مع األمير ميمون القصري وسنقر الكبير وهذا يعني أن عملية االستحالف لم تكن غامضة بل بناء على شروط واضحة وصريحة. واألمر األخير وجود بعض األمراء المعارضين لهذه الوالية وإن حصل تغي ر وتبدل فإنه بعد شروط ومفاوضات كما حدث مع األمير عز الدين أسامة لكن من المستغرب أن من تم نعته بأنه أمير األمراء يطلب لالستحالف آخر األمراء ومن المرجح ألن يكون ذلك حسم ا لتلك المسألة كما حدث مع األمير حسام الدين بشارة. وعرف األيوبيون في وراثتهم للحكم ما يسمى في هذا الزمان بالوصاية على العرش وكان المتولي على هذه األمور هم األمراء أيض ا يقومون بمساعدة ملوك بني أيوب لحين بلوغهم سن ا يعتمد عليهم كما حصل مع الملك المجاهد شيركوه حينما تولى ميراث أبيه عام 581 ه/ 1185 م فقد رتب السلطان معه أمير ا من األسدية يعرف بأرسالن يوغا )92( لم يزل معه إلى أن ترعرع الملك المجاهد واستقل باألمر )93( وبعد فتح السلطان صالح الدين لحلب تم خروجه منها عام 579 ه/ 1182 م جعل فيها ولده الملك الظاهر وجعل ولي تدبير أمره إلى األمير سيف الدين يازكج ألنه كان صبي ا صغير ا )94(. المواقف السياسية والمساهمات الدبلوماسية لألمراء اعتمد السلطان صالح الدين أثناء ح كمه في معالجة العديد من القضايا والمسائل السياسية الشائكة التي تهم الدولة سواء ضمن المحيط اإلسالمي أم الفرنجي على عدد من أمرائه األكفاء فحينما ضاق أمير اإلسماعيلية من محاصرة السلطان صالح الدين لهم عام 572 ه/ 1176 م في حصنهم مصياث )95( توسطوا عند السلطان لدى األمير شهاب الدين محمود بن تكش )96( صاحب حماة فقبل وساطته وشفاعته بهم ألنهم جيرانه )97(. وفي ذلك بيان واضح للدور الذي لعبه األمراء في هذه المرحلة الخطرة حيث الصراع مع الفرنج والحاجة للوحدة ولملمة الجراح للتفرغ لمقاومة الفرنج مما ساهم في االستقرار السياسي للدولة. ومهما كانت دوافع األمير الحارمي للصلح فإنها تقاطعت مع سياسة السلطان صالح الدين إذ كان يسعى التخاذهم عون ا له ضد الفرنج الصليبيين وقد كان لهذا الصلح أثره البعيد في الحروب الصليبية إذ نشأت عالقة صداقة بين السلطان وشيخ الجبل وانقلب اإلسماعيليون إلى مؤيدين لصالح الدين بدل معارضته وأيدوه في حروبه )98(. كما ساهم األمراء في مسألة الوساطة أو الصلح بين السلطان صالح الدين وأهل الموصل عام 578 ه/ 1182 م فإثر حصاره للموصل استنجد الموصليون بالخليفة العباسي الناصر لدين هللا الذي بدوره أرسل رسوال للسلطان صالح الدين يطلب منه وقف تهديداته ألهل الموصل )99( فاستقبلهم السلطان في دمشق وبحثوا معه إمكانية الصلح بينه وبين المواصلة والتهدئة من عصبيته وطلب الوفد من السلطان صالح الدين أن يسم ي من قبله عدد ا من الرسل ممن يثق بهم للمشاركة في 54 ذو القعدة 1433 ه أكتوبر 2012 م مجلة جامعة الشارقة للعلوم اإلنسانية واالجتماعية المجلد 9 عدد 3

11 د. لؤي إبراهيم بواعنة / د. محمد محمود العناقرة )91-45( مفاوضات الصلح فأرسل السلطان صالح الدين ثالثة )100( من كبار العلماء كان أحدهم األمير والعالم ضياء الدين عيسى الهكاري )101( إال أن جهودهم لم تثمر شيئ ا لعدم جدية مفاوضي أهل الموصل )102(. وقد تجاوزت المهام السياسية ألمراء السلطان صالح الدين حدود مصر والشام والجزيرة لتصل بالد اليمن التي كانت تحت سيطرة البيت األيوبي أيض ا فقد أرسل السلطان صالح الدين جماعة من األمراء منهم األمير صارم الدين ق ت ل غ أبة والي مصر لليمن عام 577 ه/ 1181 م )103( إلزالة الخالفات بين نواب أخيه شمس الدولة حيث جرت بين المتنافسين حروب فخاف السلطان صالح الدين أن يطمع أهل البالد فيها بسبب ذلك الخالف وأن يخرجوهم من البالد وقد تمكن بقدرته وحنكته من إزالة الخالف بين المتنافسين هناك لكنه عاد وتجدد بعد وفاة األمير قتلغ )104(. وتمثل استشارة السلطان صالح الدين ألمرائه واحدة من أبرز األمثلة التي تدلل على أهمية األمراء ودورهم والرغبة في إشراكهم في إدارة الدولة والحفاظ عليها فقد قام السلطان صالح الدين بمشاورة أمرائه أثناء حصاره للموصل عام 580 ه/ 1184 م طالب ا أن يسدوا له النصيحة وذلك إثر تسلمه مدينة ميافارقين فقد توجه نحو الموصل لحصارها للمرة الثالثة فخرج إليه من الموصل أتابكيات وفيهن ابنة الملك العادل نور الدين يشفعن إليه في الكف عن حصار الموصل والرحيل عنها فما كان منه إال أن قام بإنزالهن وأكرمهن وأحضر أصحابه واستشارهم فيما يفعل فأشار أكثرهم بإجابتهن إلى ما طلبن فعارضه األمير عيسى الهكاري واألمير علي بن أحمد المشطوب )105( بقولهما له: ومثل الموصل ال تترك المرأة فإن عز الدين ما أنفذهن إال وقد عجز عن حفظ البلد. فوافق رأي المعارضة هواه ألن فيه مصلحة المسلمين ورد عليهن: قد قبلت شفاعتكن ولكن ال بد أن نعمل ما تقتضيه المصلحة واعتذر لهن فرجعن خائبات )106(. وقد أشار ملكوم إلى ندم السلطان على فعلته هذه وغضب من مستشاريه الذين زينوا له هذا الرأي )107(. وقد استغرب البعض تصرف السلطان صالح الدين مع ما هو معروف عنه من التسامح إال أنه فسر لدوافع كثيرة منها أنه أراد صلح الموصل سيف ا ال صلح ا لتكون عبرة لما حولها من الحصون الجزرية هذا فضال عن التطاحن الواضح بين األتراك والكرد فاألتراك يكرهون أذى البيت األتابكي واألكراد يشيرون بمالزمة حصارها وإذاللها فال غرابة أن ينساق وراء هذه المشورة الكردية ألنهم هم القوة الكبرى في أرض الجزيرة )108( وربما هذا يفسره أخذه برأي أمرائه األكراد وتقديمه على األغلبية وذلك دليل على مكانتهما ربما ورجاحة رأيهما وهذا يعني تأثيرهم على القرار السياسي في تلك الفترة. وفيما يتعلق بدور األمراء من تخريب عسقالن فقد أوضح ابن شداد أن السلطان جمع مجلس شورته ومنهم األمراء قرب الرملة وشاورهم في مصير عسقالن يقوم بخرابها أم ال لقوله: وأحضر السلطان - رحمه هللا - أرباب مشورته وشاورهم في أمر عسقالن وأنها تخرب أم تبقى واتفق الرأي على أن يتخلف الملك العادل ومعه طائفة - من العسكر قريب ا من العدو ليعرف أخباره وإيصالها وأن يسير هو - رحمه هللا - يخرب عسقالن خشية من أن يستولي عليها الفرنج وهي عامر )109(. وكان العماد األصفهاني أكثر دقة في بيان دور األمراء هذا من عسقالن وتحديد ا األمير سليمان بن جندر الذي أوضح للسلطان أن أفضل الخيارات أمامه هو خرابها لقوله: لما نزل بالرملة أحضر ذو القعدة 1433 ه أكتوبر 2012 م مجلة جامعة الشارقة للعلوم اإلنسانية واالجتماعية المجلد 9 عدد 55 3

12 دور األمراء األيوبيين في الحكم واإلدارة في العهد الصالحي ) 570 ه ه/ م( )91-45( عنده أخاه العادل وأكابر األمراء وشاور في أمر عسقالن ذوي اآلراء فأشار علم الدين سليمان بن جندر بخرابها للعجز عن حفظها على ما بها ووافقه الجماعة )110(. وقد أوكل السلطان أمر خرابها ألحد أمرائه وهو علم الدين قيصر لقول ابن شداد: ثم استخار هللا فأوقع في نفسه أن المصلحة في خرابها... فاستحضر الوالي بها قيصر وهو من كبار مماليكه وذوي اآلراء فيهم فأمره أن يضع فيها المعول وذلك في سحر ليلة الخميس التاسع عشر من شعبان سنة سبع وثمانين وخمس مئة - وقسم السور على الناس وجعل لكل أمير طائفة من العسكر بدنة معلومة )111(. أما فيما يتعلق بالمفاوضات فقد برزت مساهمة األمراء في المفاوضات عندما دار في خ ل د السلطان )113( توسيع نفوذه نحو مدينة خالط عام 581 ه/ 1185 م إثر وفاة صاحبها )112( وتولى غالمه بكتمر فاتجهت أنظار الكثيرين لالستيالء على أمالكه ومنهم البهلوان بن الذكر )114( مما جعل أهلها يلجؤون للسلطان صالح الدين لتسليمه البالد واالنضمام تحت لوائه وكان السلطان على الموصل فارتحل عنها بعد أن كان م حاصر ا لها وسي ر إليها اثنين من أمرائه الثقات وهم الفقيه واألمير عيسى الهكاري )115( وغرس الدين قليج )116( لتحريرها وتقرير القاعدة فيها فوصلت ر سل السلطان صالح الدين وبهلوان بن الذكر وقد اقترب من البالد فخوف بكتمر بهلوان من السلطان وألمح إليه بتسليم البالد للسلطان إن قصده فتصالحا وأعاد بهلوان البالد واعتذر بكتمر لرسل السلطان وقد أجرى األمير عيسى الهكاري مع وزير خالط حوار ا بعد تجواله في المدينة ولكنهم أظهروا تحايال عليه ومن معه لقول العماد األصفهاني: وتكلم مع الوزير وشاوره فأحال الحال إلى البهلوان وأنه جاء يتملك المكان ولو استعجلتم لسهل ما صعب اآلن ثم جرت مراسلة بين السلطان والبهلوان وانفصل األمير كأنه ما كان. وهذا يعني كما أشار ابن شداد رجوع أمراء السلطان دون فائدة ترجى لقوله: وعادوا من غير ز ب دة )117(. وعلى الرغم من عودة األميرين دون تحقيق المراد إال أنهما قاما بدور سياسي ودبلوماسي يثبت كفاءتهما وجدارتهما بالتفاوض وأبرزا ما كان عليه األمراء من األهمية والدور. كما برز الدور السياسي واضح ا لألمير سيف الدين الهكاري المشطوب أثناء محاصرة الفرنج لعكا عام 587 ه/ 1191 م من خالل محاولته تسليم عكا للفرنج بناء على شروط معينة لتجنيب المسلمين المحاصرين فيها كارثة ولم يكن األمير المشطوب ليلجأ لذلك الخيار إال بعد أن وصل األمر إلى درجة أصبح من الصعب عليهم الصمود فلم يبق أمامه إال تسليم المدينة ألسباب عدة منها: عدم وجود نجدة من خارج أسوار عكا للمحاصرين بالداخل وضعف نفوس أهلها بالداخل بعد أن تمكن الفرنج منها من كل جانب وأصابتهم بحالة من الملل لكثرة الجرحى والشهداء وقلة البدائل من الجنود واألمراء - باإلضافة إلى أن الفرنج تمكنوا من نقب باشورة لداخل البلد مما زاد من مخاوفهم ولم يأمن المسلمون في الداخل على أنفسهم حيث خرج األمير المشطوب إلى ملك اإلفرنسيس )118( طالب ا األمان )119(. وربما في ذلك مبررات كافية لما قام به من عمل يبتغى منه مصلحة المسلمين المحاصرين وتجنيبهم القتل والتعذيب وغيره. وقد أورد العماد األصفهاني الحوار الذي دار بين األمير المشطوب وملك اإلفرنسيس بقوله: وقد علمتم ما عاملناكم به عند أخذ بالدكم من النزول عند طلب أهلها األمان على مرادكم وإنا كنا نؤمنهم...ونحن نسلم إليك البلد على أن تعطينا األمان ونسلم... فأساء ملك الفرنج لألمير المشطوب 56 ذو القعدة 1433 ه أكتوبر 2012 م مجلة جامعة الشارقة للعلوم اإلنسانية واالجتماعية المجلد 9 عدد 3

13 د. لؤي إبراهيم بواعنة / د. محمد محمود العناقرة )91-45( بقوله: إن أولئك الملوك كانوا عبيدي وأنتم اليوم مماليكي وعبيدي فأرى فيكم ورأيي من وعدي ووعيدي فغضب األمير المشطوب من كالمه وأغلظ له القول بقوله: ال نسلم البلد حتى نقتل بأجمعنا فيكون مصرعكم قبل مصرعنا وال يقتل منا واحد حتى يقتل خمسين ومتى عرف أن األسد يسلم العرين وعاد األمير المشطوب لعكا دون أن يحقق غرضه )120(. وعلى الرغم من محاولة األمير المشطوب تسليم المدينة سلمي ا ألنه أسلم الحلول وأنجعها وأخفها ضرر ا إال أنه فشل وأدى فشله إلى إثارة الذعر والخوف داخل المعسكر اإلسالمي بعكا مما حدا عددا من األمراء للهروب معتبرين أن كبيرهم كان يبحث عن حل لألزمة بالخالص من الفرنج فما بالهم والبقاء بعكا والدفاع عنها لقول العماد األصفهاني: قال جماعة من األمراء قد تضجروا بما هم فيه من التعب والعناء: هذا األمير الكبير والمستشار والمشير قد اشتغل باله فسواه ما باله... ورأوا في هربهم راي ا منكوس ا وربح ا في دار البقاء مبخوس ا... )121( وقد مثل موقفه هذا إضعاف ا سياسي ا واضح ا لألمير المشطوب وألهل عكا والسلطان كذلك وتخاذال ما بعده تخاذل. كما شكل األمراء التركمان المماليك قوة ضغط سياسية واضحة في الدولة زمن السلطان صالح الدين بل ومؤثرة في صناعة القرار السياسي مستغلين بذلك وزنهم السياسي وقوتهم العسكرية والعددية بسبب الحاجة لهم في الصراع ضد الفرنج الصليبيين وقد برز ذلك واضح ا عندما عارضوه وخالفوه في الرأي إلنكارهم عليه عزمه على التحصن ببت المقدس انتظار ا لمجيء الملك ريتشارد قلب األسد لحصارها عام 588 ه/ 1192 م فوجد نفسه مضطر ا لالجتماع بهم ومحاورتهم. طالب ا منهم المساعدة والعون بالتأثير على الجند وحثهم على القتال وطلب من القاضي بهاء الدين ابن شداد تذكيرهم بالجهاد والحاجة لوقوفهم إلى جانب السلطان )122( ثم تكلم السلطان صالح الدين واعظ ا لهم مبين ا أهميتهم محمال إياهم مسؤولية هذه األمة ومصيرها الذي يعتمد عليهم بقوله: اعلموا أنكم جند اإلسالم اليوم ومنعته وأنتم تعلمون أن دماء المسلمين وأموالهم وذراريهم معلقة في ذممكم فإن هذا العدو تأكد له من المسلمين من تلقاه إال أنتم فإن لويتم - والعياذ باهلل - طوى البالد كطي السجل للكتاب وكان ذلك في ذمتكم فإنكم أنتم الذين تصديتم لهذا... فالمسلمون في سائر البالد متعلقون بكم والسالم... )123(. يفهم من النص السابق بعد التدقيق بمعانيه وأهدافه تردد األمراء في خوض حرب مع الفرنج في هذا الوقت ولهذا كان ال بد من استمالتهم والضغط عليهم عن طريق القاضي ابن شداد كما يدلل على أهمية األمراء ودورهم والحاجة لهم والتذلل لهم لدرجة قيام السلطان باستعطافهم بإشارته أن النصر متوقف عليهم ومما يدلل على ذلك حضور عدد من األمراء وعلى رأسهم األمير أبو الهيجاء واألمير المشطوب واألسدية بأسرهم وجماعة األمراء لهذا االجتماع بمشقة عظيمة )124(. تباينت مواقف األمراء السياسية إزاء هذه المسألة بين تأييدهم لرأي السلطان صالح الدين ومعارضته فبعد أن كانوا مؤيدين له في رأيه مناصريه حتى الموت وتمثل ذلك بخطاب األمير سيف الدين المشطوب للسلطان صالح الدين )125( عادوا وغي روا وبدلوا موقفهم هذا فانقلبوا على السلطان مما يؤكد معارضتهم لسياسته )126( وتأكد ذلك على لسان األمير أبي الهيجاء وخطابه للسلطان صالح الدين وتمثل موقف األمراء األتراك هذا بقول السلطان كما جاء عند ابن شداد: إن أبا الهيجاء أنفذ إلي اليوم وقال: إنه اجتمع عنده جماعة المماليك واألمراء وأنكروا علينا موافقتنا لك على الحصار والتأهب له وقالوا: ال مصلحة في ذلك فإنا نخاف أن نحصر ويجري علينا ما جرى على أهل عكا ذو القعدة 1433 ه أكتوبر 2012 م مجلة جامعة الشارقة للعلوم اإلنسانية واالجتماعية المجلد 9 عدد 57 3

14 دور األمراء األيوبيين في الحكم واإلدارة في العهد الصالحي ) 570 ه ه/ م( )91-45( وعند ذلك تؤخذ بالد اإلسالم أجمع والرأي أن نلقى مصاف ا... إنك إن أردتنا فتكون معنا أو بعض أهلك حتى نجتمع عنده وإال فاألكراد ال يدينون لألتراك واألتراك ال يدينون لألكراد )127(. إن تغي ر مواقف األمراء قد يكون مرده حرصهم على وجود السلطان صالح الدين أو أهل بيته معهم في القتال للشد من أزرهم خوف ا من تكرار ما حدث أمام عكا مع احتمالية أن يكون لبعض الخالفات والمنافسات السياسية بين األمراء دور في هذا الموقف )128( حيث في عهد السلطان صالح الدين هناك أمراء أسدية نسبة ألسد الدين شيركوه وزنكية نسبة لنور الدين زنكي وصالحية نسبة لصالح الدين األيوبي وهذه حالة خطيرة لها تأثيرها السلبي على مستقبل الدولة في مقاومة الفرنج الصليبيين كما فيها تأكيد على دور األمراء ونفوذهم مما يعني ضخامة هذا الدور الذي مارسوه. ويرى أحد الباحثين )129( أهمية ما دار بين السلطان صالح الدين وأمرائه وما تمخض عنها من مواقف وآراء متعارضة أن المماليك بلغوا من القوة والكثرة فيما يبدو مما جعل السلطان صالح الدين يلجأ لمشورتهم وينزل على إرادتهم وفي هذا دليل على مدى اعتماد الدولة األيوبية منذ أيامها األولى على فئات المماليك األتراك. الدور الدبلوماسي لألمراء في مفاوضات الصلح مع الفرنج لقد كان ألمراء السلطان صالح الدين حضورهم الممي ز في نقل رسائل الصلح مع الفرنج والوقوف على كل حيثياته وتمثل ذلك بنقل شروط الصلح الموجهة من االنكتار )ريتشارد قلب األسد( )130( إلى المسلمين والتي بعثها الملك العادل مع الفقيه بهاء الدين ابن شداد للسلطان في رمضان عام 587 ه/ 1191 م وتتضمن مطالب الملك االنكتار وعروضه التي عرضها على الملك العادل للصلح وكان ذلك بحضور جماعة من األمراء وهم: حسام الدين بشارة وعز الدين بن المقدم )131( وعلم الدين سليمان وسابق الدين حيث قدم لهم شرح ا لما عاد به رسول المسلمين من عند االنكتار وطلب منهم نقل الرسالة أو الصورة للسلطان بحيث يقوم الفقيه ابن شداد بمخاطبة السلطان بحضور األمراء فهم بمثابة شهود على موقف السلطان صالح الدين من الرسالة سواء أوافقوا أم عارضوا فإن استصوبه ورأى فيه مصلحة للمسلمين شهد عليه األمراء والقاضي ابن شداد باإلذن والرضى وإن رفض شهدوا عليه بما انتهى عليه أمر الصلح فوافق عليها وكرر عليه ابن شداد الرضى بذلك ثالث مرات وهو يصرح ويشهد على نفسه بالرضى )132( وإن دل حضور األمراء هنا على شيء فإنما يدل على أهميتهم ومكانتهم والثقة بهم بالوقوف على المسائل الحساسة والمتعلقة بمصير المسلمين. أدت حنكة السلطان صالح الدين وبصيرته وحرصه على إشراك أصحاب الرأي في الدولة باتخاذ القرار في المسائل المصيرية والهامة للمسلمين إلى االجتماع باألمراء ومشاورتهم في موضوع الصلح مع الفرنج عارض ا عليهم خيارين في الصلح إما ص لح مع المركيس صاحب صور )133( أو مع االنكتار وذلك في شوال من عام 587 ه/ 1191 م وقد ذكر لهما القاعدة التي التمسها ك ل واحد منهما مبين ا تفاصيلها وطلب منهم ترجيح إحدى الجانبين االنكتار أو المركيس فرأى أصحاب الرأي من األمراء األكابر وأصحاب المشورة أن يكون الصلح مع الملك االنكتار بحيث أن مصافاة الفرنج للمسلمين اآلن غير مأمونة )134(. 58 ذو القعدة 1433 ه أكتوبر 2012 م مجلة جامعة الشارقة للعلوم اإلنسانية واالجتماعية المجلد 9 عدد 3

15 د. لؤي إبراهيم بواعنة / د. محمد محمود العناقرة )91-45( وعلى الرغم من كثرة المراسالت بين الفرنج والمسلمين إال أن أمرها طال وفي ربيع األول من عام 588 ه/ 1191 م وصل كتاب من االنكتار مضمونه موافته على الصلح على أساس مقاسمة البالد وأن كل ما في يده شيء فهو له فما كان من السلطان صالح الدين إال أن أطلع األمراء عليه فاستصوبه األمير أبو الهيجاء وأشار األمراء جميعهم أن هذا الرأي يوافق ما كان عليه الملك العادل وفيه مصلحة للمسلمين )135( وهذا يدل على أن السلطان لم يكن يقرر مصير أمة اإلسالم وحده بل كان أمراء المسلمين يشاركونه في كل صغيرة وكبيرة. كثيرة هي المواقف والتدخالت واإلجابات على رسائل ر سل الفرنج التي ساهم بها األمراء قبل االتفاق على الصلح الذي جرى مع الفرنج والذي عرف بصلح الرملة أو يافا عام 588 ه/ 1192 م وقد بدا واضح ا أن الملك االنكتار مال في النهاية للصلح )136( وتكررت ر سله عارض ا عروض ا إيجابية ومرضية للمسلمين فاستحسنها السلطان واتفق أصحاب الرأي والمشورة عليها بعد عرضها عليه )137(. وقد برز دور األمراء واضح ا عندما عاد ر سل الفرنج للمرة الثالثة في جمادى اآلخرة ومعهم رسالة من الملك االنكتار فجمع السلطان أمراءه بأسرهم وسألهم ماذا يكون جوابه على رسالة االنكتار وانفصل األمر إلى هذا الجواب: إن القدس ليس لكم منها حديث سوى الزيارة وأما البالد فعسقالن وما وراءها ال بد من خرابه فرد عليه رسول االنكتار بأنهم خسروا أمواال طائلة على بنائها. وفي هذه اللحظة تدخل األمير المشطوب الذي اقترح على السلطان أن يجعل مزارعها وقراها له في مقابل تلك الخسارة فأجابه السلطان إلى ما أراد )138( وقد كان السلطان يدرك مكانة األمير المشطوب وأتباعه ولذلك وافقه الرأي فهو قادر وأتباعه على توفير األمن والحماية والقوة. وقد ذهب أحد الباحثين بالقول: أن ما قام به السلطان صالح الدين من صلح مع الفرنج يوم الرملة بعد مشاورته ألكابر الدولة وأمرائها استسالم واضع ا اللوم عليه بأنه تنصل من تلك المسؤولية بوضع الالئمة على أمرائه )139( وفي هذا انتقاص واضح من مكانة األمراء ودورهم. ويعد األمير بدر الدين درلدرم )140( أكثر األمراء بروز ا ومشاركة في مباحثات الصلح مع الفرنج فيما عرف بصلح الرملة واتفاقية يافا 588 ه/ 1192 م فقد حصل أن استأذن السلطان صالح الدين في الحديث مع الفرنج بعد طلبهم لقاء المسلمين والحديث معهم حيث قام بتكثيف مراسلته للفرنج حسم ا للحظات األخيرة من الصلح والخالف حول النزول عن عسقالن للفرنج أو تعويضهم عنها فخرج إليهم األمير دلدرم وفاوضهم وأخبر أن حديثهم كان إن الملك نزل عن عسقالن وعن طلب العوض عنها وقد صح مقصوده في الصلح )141( فأعاده السلطان بأن أخذ اليد والمواثيق منهم على ذلك ففعل فسار على هذه القاعدة وكتب للملك العادل بما جرى وذكر أنه أخذ يده على هذه القاعدة من يثق به وأخذ حدود البالد على ما استقر في المرحلة األولى مع الملك العادل. كما كان لألمير دلدرم الفضل في إنجاز اللمسات األخيرة من هذه االتفاقية فهو الذي حدد قاعدة الصلح مع الفرنج بقوله لرسول الفرنج: هذه حدود البالد التي تبقى في أيديكم فإن صالحتم على ذلك فمبارك قد أعطيتكم يدي فينفذ الملك من يحلف ويكون ذلك في بكرة غد وإال فيعلم أن هذا تدفيع ومماطلة ويكون األمر قد انفصل بيننا )142( وما هذه الصالحيات التي أعطيت لهذا األمير إال دليل واضح على الثقة المتناهية بهذا األمير وبراعته في الدبلوماسية. وبدا واضح ا أن مشاركة بعض أمراء السلطان صالح الدين في الصلح مع الفرنج كان سبب ا في إقامة عالقة صداقة مع ملوك الفرنج وسادتهم مثلما حدث مع األمير بدر الدين دلدرم مع الملك االنكتار ذو القعدة 1433 ه أكتوبر 2012 م مجلة جامعة الشارقة للعلوم اإلنسانية واالجتماعية المجلد 9 عدد 59 3

16 دور األمراء األيوبيين في الحكم واإلدارة في العهد الصالحي ) 570 ه ه/ م( )91-45( نتيجة كثرة تردده إليه ومراسالته معه إذ كانوا يجتمعون في أوقات متعددة )143(. وأورد القاضي ابن شداد أسماء عدد من األمراء الذين حضروا يمين االتفاق ومراسيم صلح الرملة مع الفرنج عام 588 ه/ 1192 م الذي أسماه ب تمام الصلح حيث حضر الرسل في خدمة السلطان صالح الدين وأخذوا يده الكريمة وعاهدوه على الصلح على ما استقرت عليه القاعدة واقترحوا حلف جماعة منهم: الملك العادل والملك األفضل والملك الظاهر واألمير علي بن أحمد المشطوب واألمير بدر الدين دلدرم وكل مجاور لبلدهم كاألمير ابن المقدم وغيره وكان ذلك ك له بحضور القاضي بهاء الدين بن شداد )144(. وهكذا فإن دور األمراء في عهد السلطان صالح الدين في مسألة الصلح مع الفرنج يؤكد أن مساهمة واضحة كانت لهم في المفاوضات مع الفرنج بتكليف من السلطان صالح الدين أو من خالل نقلهم الرسائل وحلف اليمين وغيره أو باستشارتهم بما فيه مصلحة المسلمين. الدور اإلداري لألمراء في العهد الصالحي كشفت إحدى رسائل السلطان صالح الدين لألمير علم الدين قيصر )145( على لسان القاضي الفاضل )146( عن القواعد السياسية التي يجب على األمراء اتباعها لضمان استقرار الدولة كالعدالة بين الرعية وعدم استخدام األشرار وتعيين األكفأ واألجدر وأهمية الرقابة في الدولة لألمراء والمسؤولين لضمان نزاهة العمل وتسييره لقول السلطان له: شكرنا خدمتك وعلمنا نهضتك وأثبت فضل هللا جهادك وترجح في أوقات الحقائق اعتمادك ونحن نوصيك بأن تعدل في السيرة وتطيب الط عمة وال تستخدم األشرار وال تستنيب إال األخيار وال يسمع عنك إال ما يس ر من األخبار. فالجهاد جهادان جهاد يبذل فيه في الكافرين السالح وجهاد يكف فيه عن المسلمين االجتياح فاجمع لنا الجهادين... واعلم أن األخبار إلينا منقولة والسيرة الجميلة عندنا وسيلة تتقدم كل وسيلة )147(. عمل صالح الدين في رحلة نضاله وجهاده إلى تحرير جزء من األراضي التي استولى عليها الفرنج بعد الحملة الفرنجية األولى. وقد تمكن صالح الدين بعد توحيد مصر والشام من تكوين دولة واسعة وجيش قوي. وقد أقطع أمراء جيشه وجنوده إقطاعات عديدة تظهر خدماتهم وإسهاماتهم في تحرير البالد الشامية من الفرنج )148( وقد كان لهؤالء األمراء دور مهم في إدارة هذه المناطق والمدن بعد تحريرها فكل مدينة يتم تحريرها يقطعها السلطان ألحد األمراء أو يوكل إليه أمر إدارتها. وقد حاولت هذه الدراسة رصد معظم المدن المحررة والعام الذي حررت به واألمير الذي توالها وجاءت على النحو التالي: اسم المدينة ممن تم استرداده األمير العام ه/ م المصدر/ والصفحة المتولي لها أو البلدة أو القلعة بارين الزنكيين األمير شهاب الدين محمود 570 ه/ 1174 م ابن واصل مفرج الكروب ج 2 ص ذو القعدة 1433 ه أكتوبر 2012 م مجلة جامعة الشارقة للعلوم اإلنسانية واالجتماعية المجلد 9 عدد 3

17 د. لؤي إبراهيم بواعنة / د. محمد محمود العناقرة )91-45( ب زاغا نصيبين الخابور سن جار دمشق الرها الرقة تل خالد )حلب( + تل باشر عين تاب الزنكيين الزنكيين الزنكيين الزنكيين الزنكيين الزنكيين األمير فخر الدين الزعفراني الزنكيين األمير ينال المنبجي الزنكيين الزنكيين عز الدين خ شترين الكردي حسام الدين أبو الهيجاء السمين جمال الدين خوشترين األمير سعد الدين مسعود بن أ نر شمس الدين بن المقدم مظفر الدين بن زين الدين ابن الزعفراني بدر الدين د لد رم الياروقي ناصر الدين )وقيل ناجح الدين( محمد بن خمارتكين 571 ه/ 1175 م 578 ه/ 1182 م 578 ه/ 1182 م 578 ه/ 1182 م 578 ه/ 1182 م 578 ه/ 1182 م 578 ه/ 1182 م 579 ه/ 1183 م 579 ه/ 1183 م أبو شامة الروضتين ج 2 ص 256 أبو شامة الروضتين ج 3 ص 81 أبو شامة الروضتين ج 3 ص 82 أبو شامة الروضتين ج 3 ص 82 أبو شامة الروضتين ج 3 ص 83 ابن العديم زبدة الحلب ص 388 ابن العديم زبدة الحلب ص 388 ابن العديم زبدة الحلب ص 396 ابن واصل مفرج الكروب ج 2 ص 139 ابن العديم زبدة الحلب ص 391 محمد األيوبي مضمار الحقائق ص 146 ذو القعدة 1433 ه أكتوبر 2012 م مجلة جامعة الشارقة للعلوم اإلنسانية واالجتماعية المجلد 9 عدد 61 3

18 دور األمراء األيوبيين في الحكم واإلدارة في العهد الصالحي ) 570 ه ه/ م( )91-45( قلعة عزاز قلعة حارم قلعة حلب حمص آمد قلعة حلب ميافارقين الزنكيين الزنكيين الزنكيين الزنكيين كان صاحب آمد من جهة السالجقة محمود بن ايكلدي وهو شيخ كبير ودبر أمرها مؤيد الدين أبو علي بن نيسان الزنكيين كانت بيد النظام البقش متولي ماردين علم الدين سليمان بن جندر إبراهيم بن شروة )الهكاري( سيف الدين يازكنج األسدي أرسالن بوغا نور الدين محمد بن قرا أرسالن صارم الدين ب رغش حسام الدين سنقر الخالطي 579 ه/ 1183 م 579 ه/ 1183 م 579 ه/ 1183 م 579 ه/ 1183 م 579 ه/ 1183 م 579 ه/ 1183 م 581 ه/ 1185 م ابن واصل مفرج الكروب ج 2 ص 34 ابن العديم زبدة الحلب ص 396 ابن األثير الكامل مج 11 ص 499 ابن واصل مفرج الكروب ج 3 ص 147 أبو شامة الروضتين ج 3 ص 163 محمد األيوبي مضمار الحقائق ص 146 ابن العديم زبدة الحلب ص 396 أبو شامة الروضتين ج 3 ص 163 ابن العديم زبدة الحلب ص أبو شامة الروضتين ج 3 ص 126 محمد األيوبي مضمار الحقائق ص ذو القعدة 1433 ه أكتوبر 2012 م مجلة جامعة الشارقة للعلوم اإلنسانية واالجتماعية المجلد 9 عدد 3

19 د. لؤي إبراهيم بواعنة / د. محمد محمود العناقرة )91-45( كوكب عكا بيروت نابلس هونين وتبنين طبريا حصن دربساك بغراس الكرك وقالع )الشوبك هرمز والوعر وسلع( الفرنج االسبتار الفرنج الفرنج الفرنج الفرنج الفرنج الفرنج الفرنج سيف الدين محمود عز الدين ج رديك عز الدين أسامة حسان الدين محمد بن عمر بن الجين مجد الدين أحمد ثم ألخيه فخر الدين أياس جركس صارم الدين قايماز النجمي علم الدين سليمان بن جندر األمير سعد الدين كمشبه )صهر السلطان( 583 ه/ 1187 م 583 ه/ 1187 م 583 ه/ 1187 م 583 ه/ 1187 م 583 ه/ 1187 م 583 ه/ 1187 م 584 ه/ 1188 م 584 ه/ 1188 م أبو شامة الروضتين ج 3 ص 268 أبو شامة الروضتين ج 3 ص 268 ابن شداد األعالق الخطيرة فلسطين واألردن ص 102 ابن شداد األعالق الخطيرة فلسطين واألردن ص 244 ابن شداد األعالق الخطيرة فلسطين واألردن ص 152 ابن شداد النوادر ص 80 ابن واصل مفرج الكروب ج 2 ص 196 أبو شامة الروضتين ج 4 ص العماد األصفهاني الفتح ص 161 أبو شامة الروضتين ج 4 ص 28 ذو القعدة 1433 ه أكتوبر 2012 م مجلة جامعة الشارقة للعلوم اإلنسانية واالجتماعية المجلد 9 عدد 63 3

20 جبلة دور األمراء األيوبيين في الحكم واإلدارة في العهد الصالحي ) 570 ه ه/ م( )91-45( الالذقية حصن صهيون قلعة بكاس والش فر ب ر زية ك وك ب صفد عكا الفرنج الفرنج الفرنج الفرنج الفرنج الفرنج الفرنج الداوية الفرنج سابق الدين عثمان سن ق ر الخالطي ناصر الدين منكورس بن خ مارتكين غرس الدين قليج عز الدين إبراهيم بن األمير شمس الدين محمد بن المقدم صارم الدين قايماز النجمي طغرل الجاندار حسام الدين بشاره ثم صارم الدين قايماز النجمي 584 ه/ 1188 م 584 ه/ 1188 م 584 ه/ 1188 م 584 ه/ 1188 م 584 ه/ 1188 م 584 ه/ 1188 م 584 ه/ 1188 م 585 ه/ 1189 م أبو شامة الروضتين ج 4 ص 12 أبو شامة الروضتين ج 4 ص 13 أبو شامة الروضتين ج 4 ص 17 ابن واصل مفرج ج 2 ص 263 أبو شامة الروضتين ج 4 ص 19 أبو شامة الروضتين ج 4 ص 21 أبو شامة الروضتين ج 4 ص 3 ابن شداد األعالق الخطيرة فلسطين واألردن ص 61 أبو شامة الروضتين ج 4 ص 3 ابن تغري بردي النجوم الزاهرة ج 6 ص ذو القعدة 1433 ه أكتوبر 2012 م مجلة جامعة الشارقة للعلوم اإلنسانية واالجتماعية المجلد 9 عدد 3

21 د. لؤي إبراهيم بواعنة / د. محمد محمود العناقرة )91-45( شقيف أرنون القدس الخليل وغزة والداروم وعسقالن الفرنج الفرنج الفرنج عز الدين سياروخ عز الدين ج رديك علم الدين قيصر 586 ه/ 1190 م 588 ه/ 1192 م 588 ه/ 1192 م ابن شداد األعالق الخطيرة فلسطين واألردن ص 154 أبو شامة الروضتين ج 4 ص 194 أبو شامة الروضتين ج 4 ص 194 ذو القعدة 1433 ه أكتوبر 2012 م مجلة جامعة الشارقة للعلوم اإلنسانية واالجتماعية المجلد 9 عدد 65 3

22 دور األمراء األيوبيين في الحكم واإلدارة في العهد الصالحي ) 570 ه ه/ م( )91-45( خارطة توضيحية )1( للقالع والمدن التي فتحها صالح الدين األيوبي في الشام مأخوذة من كتاب أحمد بيلي حياة صالح الدين األيوبي ص ذو القعدة 1433 ه أكتوبر 2012 م مجلة جامعة الشارقة للعلوم اإلنسانية واالجتماعية المجلد 9 عدد 3

23 د. لؤي إبراهيم بواعنة / د. محمد محمود العناقرة )91-45( خارطة توضيحية )2( للقالع والمدن التي فتحها صالح الدين األيوبي في الجزيرة الفراتية وشمالي الشام مأخوذة من كتاب أحمد بيلي حياة صالح الدين األيوبي ص 225. وتعتبر الوالية واحدة من المؤسسات اإلدارية التي رتبها األيوبيون في كل مملكة فكان يتبع المملكة عدة م دن وقرى وهي التي تشكل المورد األساسي لخزينة المملكة وبالتالي اإلدارة المركزية للدولة عامة ويعتبر األمير المسؤول األول عن شؤون تلك القرى التي تتبع لمدينته وكان لتلك الممالك مهام وسلطات ومسؤولون وكان لكل من تلك الممالك مراكزها الرئيسة التي تتولى فيها السلطة العسكرية والمناطة بشكل خاص للوالي ونائب القلعة فكان من مهام هذه المؤسسة اإلدارية اإلقطاعية المتمثلة باألمير أو الوالي توفير الجند إلدارة الدولة والدفاع عنها وهذا الواجب اإلقطاعي على األمير يحدده قدرة إقطاعه وإمكانياته أما واجباته الداخلية فتتمثل بإدارة إقطاعه بإشراف السلطة المركزية ونشر األمن والنظام والقيام باألعمال العمرانية )149(. لم تقتصر مهام األمراء اإلدارية على إدارة المدن والقالع بعد تحريرها فقط بل تعد دت لتشمل أعماال ذو القعدة 1433 ه أكتوبر 2012 م مجلة جامعة الشارقة للعلوم اإلنسانية واالجتماعية المجلد 9 عدد 67 3